اهلا بك عزيزى الزائر فى موقع يلا خبر الآن نقدم لك هذا الخبر من قسم منوعات نرجو ان ينال اعجابك.. والأن مع الخبر
2021-04-26 08:57:08
اشترك لتصلك أهم الأخبار
الجامع الأزهر هو أهم المساجد الجامعة فى مصر وأشهرها فى العالم الإسلامى، احتضنت أروقته الملايين من طلاب العلم ومعلميه، حتى غدا قِبلة العلم لكل المسلمين، ومنهل الوسطية، ومنارة الإسلام الشامخة، وقد تجاوز عمره الألف سنة، متحملًا مسؤوليته العلمية والدينية والوطنية والحضارية تجاه الشعب والأمة الإسلامية كلها، فكان رمزًا حضاريًا، ومرجعًا علميًا رئيسًا، ومنبرًا دعويًا صادقًا لهذه الأمة.
تم إنشاء الجامع الأزهر على يد جوهر الصقلى قائد الخليفة الفاطمى المعز لدين الله فى 24 جمادى الأولى 359هـ/ 4 إبريل 970م أى بعد عام من تأسيس مدينة القاهرة، واستغرق بناؤه ما يقرب من 27 شهرًا، حيث افتُتِح للصلاة فى يوم الجمعة 7 رمضان 361هـ الموافق 21 يونيو 972م، وما لبث أن تحول إلى جامعة علمية، وأُطلق عليه اسم الجامع الأزهر؛ نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبى ــ صلى الله عليه وسلم ــ وزوجة الإمام على بن أبى طالب ــ رضى الله عنه ــ التى ينتسب إليها الفاطميون على أرجح الأقوال.
بعد زوال دولة الفاطميين على يد السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبى فى الثالث من المحرم 567هـ/ 11 سبتمبر1171م عطَّل صلاة الجمعة فى الجامع الأزهر وأنشأ عدة مدارس سُنِيَّة لتنافسه فى رسالته العلمية للقضاء على المذهب الشيعى فى مصر، واستطاع بهذه الخطوة أن يعيد إلى مصر المذهب السُنى بحيوية ونشاط، فانتهت بذلك علاقة الجامع الأزهر بالمذهب الشيعى.
وقد شهد الجامع الأزهر تحولًا كبيرًا فى ظل الحكم المملوكى (648 ـــ 923ه/ 1250 ـــ 1517م)؛ فأعيدت فيه صلاة الجمعة فى عام 665 هـ/ 1267م، وسرعان ما اتجه السلاطين المماليك للعودة بالأزهر إلى نشاطه العلمى، وتوجيه هذا النشاط توجيهًا سُنيًا (وفق المذاهب الأربعة)، وقد استأثر الجامع الأزهر فى هذا العصر بالزعامة الدينية والعلمية معًا، وأصبح المركز الرئيس للدراسات السُنيَّة فى مصر والعالم الإسلامى، لاسيما بعد سقوط بغداد فى الشرق، وتصدع الحكم الإسلامى فى الأندلس وشمالى إفريقيا، وتركزت آمال المسلمين فيه فقام بمهمته العلمية والدينية التى ألقتها عليه الأقدار خير قيام، وغدا بمثابة الجامعة الإسلامية الكبرى التى يقصدها طلبة العلم من كل فج عميق، وأصبح مقصِدًا لعلماء العالم الإسلامى فى مشارق الأرض ومغاربها.
وكثُرت العلوم التى كانت تدرس بالجامع الأزهر فى ذلك العصر وتنوعت إلى دراسة فروع العلوم العَقَديَّة والشرعية والعربية والعقلية، فضلًا عن دراسة علم التاريخ وتقويم البلدان وغيرها من العلوم، كما تم إنشاء ثلاث مدارس وإلحاقها بالجامع الأزهر وهى: (الطيبرسية، الآقبغاوية، الجوهرية)، ورتبت فيها الدروس مما أدى إلى إثراء الحركة العلمية بالجامع الأزهر، إلَّا أن أهم ما يميز الأزهر فى العصر المملوكى هو نشأة مساكن للطلبة الوافدين والمصريين فيه عرفت بالأروقة.
وفى ظل الحكم العثمانى لمصر (923 ـــــ 1213هـ/ 1517 ـــــ 1798م) احتفظ الجامع الأزهر على مدار ثلاثة قرون بقوته وتقاليده، ومضى يؤدى رسالته باللغة العربية فى الحَقْلًيْنِ الدينى والتعليمى، وظل موطنًا للدراسات الدينية، وملاذًا للغة العربية، وكعبة علمية يفد إليها أعلام الفكر الإسلامى يتصدرون الحلقات الدراسية فى رحابه، وقد بلغ أثره فى الحياة المصرية من القوة والعمق والذيوع ما جعله يحافظ على الطابع العربى لمصر طوال فترة الحكم العثمانى، كما توافد عليه طلاب العلم من مختلف أنحاء العالم الإسلامى لينهلوا من شتى المعارف التى تُدَرَّس فيه، ومن أهم ما يتميز به الأزهر فى ذلك العصر هو ظهور منصب شيخ الأزهر.
حظى الجامع الأزهر على مرّ العصور منذ نشأته وحتى وقتنا الحاضر باهتمام الخلفاء والسلاطين والأمراء والحكام بعمارته من حيث التوسعة والإنشاءات والترميم لا سيما العصر المملوكى، وكان آخرها أعمال الترميم الشاملة التى انتهت فى عام 1439هـ/ 2018م والتى استمرت ثلاث سنوات تقريبًا، وتبلغ مساحته 12 ألف متر مربع تقريبًا.
أيضا فإن الجامع الأزهر هو أقدم جامعة متكاملة الأركان فى العالم من حيث أعضاء هيئة التدريس فى مختلف التخصصات والمذاهب الفقهية، وطلاب من شتى بقاع العالم، وكتب دراسية، ومكتبات عامة، ومسكن جامعى تتوفر به كافة سُبُل الإعاشة بالمجان، وهو رائد التقدم والازدهار، وعنوان قدرة الشعب المصرى خاصة والشعوب العربية والإسلامية عامة على السبق الحضارى والإنجاز العلمى، فلم يكن عطاؤه على مدى القرون قاصرًا على علوم الشريعة واللغة، وإنما امتد سخاؤه لعلوم الدنيا التى تفيد الإنسانية جمعاء.
فمنذ أن صار الجامع الأزهر جامعة علمية سارت الدراسة فيه سيرًا فطريًا سلسًا، دون تقنين أو تعقيد، فكان الطالب يفد إلى ساحته تحدوه الرغبة فى طلب العلم، ولا تصده عن رغبته قيود السن، ولا يقف فى وجهه عدد السنوات التى قضاها فى الدرس، وإنما يتردد على من يشاء من الأساتذة، ينهل من فيض علمهم ما أراد من السنين، ففى بداية الأمر كانت الدراسة فى الجامع الأزهر تقوم على تعليم العلوم الدينية والعربية، ولم تكن به امتحانات أو شهادات، وإنما كان الشيخ يُخصَص له عمودٌ بالجامع الأزهر، ويلقى عنده دروسه فى وقت معين من كل يوم، ويستمع إليه من شاء من المجاورين أو غيرهم دون قيد، فيجلسون حوله فى حلقات، يسمعون له ويكتبون ما يمليه، فإذا أنس أحد الطلبة من نفسه استيعابًا للدروس ذهب إلى الشيخ وأسمعه ما حفظه أو فهمه، ويناقشه الشيخ فيه، فإذا وُفِّق الطالب فى المناقشة يجيزه الشيخ، وكان عماد الدراسة إذ ذاك النقاش والحوار بين الطلبة وأساتذتهم بما يثقف العقل وينمى ملكة الفهم، وظلوا على ذلك مدة طويلة إلى أن اقتضى الحال وضع قوانين خاصة للأزهر وطلبته وعلمائه وإدارته والدراسة فيه.
وكانت العلوم التى تُدرَّس فى الجامع الأزهر تربو على عشرين علمًا مثل: الفقه- أصول الفقه- التفسير- الحديث رواية ودراية- مصطلح الحديث- التوحيد- الحكمة الفلسفية- التصوف- النحو- الصرف- المنطق- المعانى- البيان- البديع- الحساب – الجبر والمقابلة- الفلك- اللغة- الوضع- العروض- القوافي- الهيئة.
وكانت الدراسة فى الجامع الأزهر تبدأ بعد صلاة الفجر حتى صلاة العشاء.
وكانت الدراسة تنقسم إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى، وتدرس فيها الكتب السهلة على طائفة من صغار الأساتذة، ومرحلة ثانية، وتدرس فيها الكتب المتوسطة على أساتذة أكثر كفاءة من أساتذة المرحلة الأولى، ومرحلة ثالثة، وتدرس فيها أمهات الكتب وأصعبها على يد طائفة من جهابذة العلماء، وكان الطالب إذا فرغ من دراسة الكتب الصغيرة وآنس من نفسه جواز الانتقال إلى ما هو أرقى منها انتقل من نفسه إلى حلقات المشايخ المدرسين للكتب الكبرى، وهكذا حتى يتم دراسته. وقد مثلت أروقة الأزهر رمزًا للعالمية وللترابط العربى والإسلامى، فلقد ظل الأزهر على مدار تاريخه ــ ولا يزال ــ يفتح أبوابه للظامئين إلى العلم والمعرفة من العلماء والطلاب من داخل مصر وخارجها دون تمييز أو إقصاء، فهو يمثل القِبْلة العلمية لجميع المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، والأُنموذج الذى يُحتذَى به فى الترابط العربى والإسلامى، وصار يتفرد عن غيره من الجامعات الإسلامية على مر العصور بعالمية رسالته التى تقوم على كونه المنبع الأصيل للعلوم الإسلامية والعربية والعقلية، والموطن الدائم لطلاب العلم من جميع أنحاء العالم الإسلامى، وبدوره الراسخ والفاعل والإيجابى والمتواصل فى خدمة ورقى الحضارتين الإسلامية والإنسانية.
ومن التقاليد الراسخة التى ظلت لصيقة بالتاريخ العلمى والاجتماعى للأزهر كجامعة أنه أفرد لكل جنسية وأهل إقليم من طلابه الذين وفدوا إليه من شتى بقاع العالم العربى والإسلامى «رِواقًا» يقيمون فيه إقامة دائمة بالمجان طوال السنوات التى كانوا يقضونها فى تحصيل العلوم فى رحابه، وهى أماكن للإعاشة الكاملة بالمجان، طعامًا وإقامة وكسوة وجرايات ومرتبات ومخصصات كثيرة، وغير ذلك من الخدمات الجليلة تكريمًا وراحةً لهؤلاء المجاورين، فتعد أروقة الأزهر رمزا تاريخيا وحضاريا يشهد بعالمية الأزهر ودوره العلمى والاجتماعى على مر العصور.
ومن أروقة المصريين رواق الصعايدة: وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من أقاليم صعيد مصر. ورواق الشراقوة: وتم تخصيصه لطلبة إقليم الشرقية. ورواق (زاوية) العميان: وخصصت للطلبة المكفوفين. ورواق البحاروة (البحيرة): وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من إقليم البحيرة. ورواق الفيومية (الفَيَمَة): وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من إقليم الفيوم. ورواق الفشنية: وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من إقليم بنى سويف. ورواق الشنوانية (الأجاهرة)، ورواق ابن معمر: وهو من أشهر أروقة الجامع الأزهر؛ لأنه لم يكن مخصصًا لجنسية أو إقليم جغرافى أو لمذهب دينى معين. وهناك أيضا رواق الأقبغاوية: وتم تخصيصه للطلبة الذين يحضرون الحلقات الدراسية فى هذه المدرسة. ورواق الأحناف (الحنفية): وتم تخصيصه لطلاب المذهب الحنفى. ورواق الحنابلة: وتم تخصيصه لطلاب المذهب الحنبلى. والرواق العباسى: وتم تخصيصه كمقر لإدارة الأزهر وإقامة الاحتفالات الرسمية به، ولإقامة طلاب بعض الأروقة من المصريين والوافدين، بالإضافة إلى مقر طبيب وصيدلى الأزهر، وإفتاء الديار المصرية.
وقد استمرت أروقة الجامع الأزهر عامرة بالمجاورين، تؤدى دورها العلمى والاجتماعى حتى إنشاء مدينة البعوث الإسلامية والبدء فى شغلها بالطلبة فى 12 ربيع الأول 1379هـ/ 15 سبتمبر 1959م.
وكان للأزهر دور وطنى على مر العصور الأزهر مَنْبَع الوطنية على مرّ العصور كما كان حاملًا لمشاعل الهداية والتقدم، صادعًا بالحق، لم تمنعه الزعامة العلمية من الزعامة الوطنية؛ حيث كان الأزهر على مدار تاريخه يمثل المنبع الأصيل للوطنیة والقلعة الحصينة للدفاع عن القضايا العربية والقومية بل والإنسانية.. ففى أروقته وحول أعمدته ظهرت الحركات التى طالبت بالحريات والحقوق العامة، وناضلت فى سبيل رفع المظالم وترسيخ قواعد العدل، وفيها ولدت الثورات الشعبية والانتفاضات التى واجهت السلطات والأحزاب الحاكمة الجائرة، وفيها نشأ علماء أفذاذ تألفت منهم جبهة سياسية معارضة جعلت دستورها الأخلاق والآداب القرآنية، وقد نجحت هذه الجبهة نجاحًا عظيمًا، وكان من مظاهر هذا النجاح إسقاط بعض الحكومات العثمانية الجائرة فى مصر إبَّان الحكم العثمانى، وفى القضاء على بعض الأحزاب المملوكية الحاكمة المُتسلِّطة التى أنَّت المجتمعات فى مصر من مظالمها وطغيانها، كما كان الجامع الأزهر هو القلعة التى تحطمت على أبوابها آمال الحملة الفرنسية.
—————————————-
إذا نال الخبر إعجابكم فشاركه مع اصدقائك لتعم الفائدة ولكى تدعمنا لنستمر
اذا كان لديكم مقترح فلا تنسى ان تتركة لنا فى تعليق
مصدر الخبر