اهلا بك عزيزى الزائر فى موقع يلا خبر الآن نقدم لك هذا الخبر من قسم منوعات نرجو ان ينال اعجابك.. والأن مع الخبر
2021-04-30 00:30:27
اشترك لتصلك أهم الأخبار
كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يحرص على اصطحابه وزير التموين ليتجول بسيارته الشخصية ويتناقش في كيفية توفير أقمشة مدعمة بألوان زاهية لتوزيعها في رمضان لإسعاد الفقراء ومحدودى الدخل مع قدوم العيد، وكان يمتاز بالبساطة، وكان خلال شهر رمضان لا يتناول الطعام إلا بعد أن يطمئن على إفطار طاقم الحراسة الخاصة به.
أما خلفه السادات، فكانت له طقوس معينة خلال شهر رمضان، منها دعوته لأقربائه وأبناء بلدته على مائدة الإفطار، وكان من غير المسموح تواجد أي أحد من الصحافة والإعلام غير موظفى ماسبيرو. وكانت موائد الإفطار في ليلة القدر من أهم الطقوس الرمضانية عند السادات، فضلا عن قضائه للشهر المبارك في مسقط رأسه ميت أبوالكوم، ويعكف على قراءة القرآن ثم الاعتكاف في المسجد آخر أسبوع في رمضان.
وفى ليلة القدر من كل عام، كان يقيم مائدة إفطار شاملة لأشقائه وأبنائهم، ويستمع إلى مشاكلهم وطلباتهم، وكانت هذه الجلسات تمتد حتى فجر اليوم التالى، وكان يقضى الأسبوع الأخير من شهر رمضان في سيناء معتكفًا متعبدًا قارئًا للقرآن.
وكان يحرص على الذهاب للإفطار وسط أهالى ميت أبوالكوم بمحافظة المنوفية، ويقضى نهاره في تلاوة القرآن منفردًا، وليله في دار الشهيد عاطف لأداء صلاة التراويح. وكان الرئيس مبارك يستجيب للعزائم، وكان مواظبًا على صلاة التراويح مع رجال القوات المسلحة.
وقبل ثورة 23 يوليو، كان الملوك يقيمون مآدب إفطار للعاملين في البلاط الملكى، غير مآدب عريضة يقيمونها في أحياء مختلفة للفقراء ومطاعم خيرية يتدفق عليها الغلابة وغير القادرين، مع وجود موظفين في الدولة يديرون هذه الموائد.
وفى قفزة زمنية كبيرة، نصل للعقدين الأخيرين، حيث رجال السياسة وعلاقتهم بالفقراء والعامة في رمضان، فقد فرضتها ضرورة انتخابية وفرضتها مقضيات الممارسة الانتخابية، خاصة حين يكون المترشحون من سكان القصور أو القائمين في أبراج عالية أو في إطارات مغلقة، إلى أن ينفتحوا على الناس ويعايشوهم ويأكلوا ويشربوا ويتسامروا معهم، سواء أيام الانتخابات فقط أو بعدها بدرجة أقل، حرصا على إعادة الانتخاب لمن يكون لديه طموح الاستمرار.
ومن مظاهر هذا السلوك الانتخابى في مصر أن نرى- ونتندر أحيانا على- حرص نواب من علية القوم على أداء واجب العزاء وزيارة المرضى في المستشفيات والمحجوزين في الأقسام.. إلخ.
وهناك محطة انتخابية تقفز للأذهان وتدفعنا لاستدعائها، خاصة أنها تتعلق برجل له أصول ريفية وأسرة مالكة، وكانت صورته المألوفة في أعين الناس هي صورة شارب السيجار، فضلا عما في رقبته ووجهه والذى يشى بكبرياء واضح يغرى بأن يرى فيه البعض نوعا من الاستعلاء.. إنه المرشح في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في العام 2011 ونقصد به السيد عمرو موسى، وزير خارجية مصر الأسبق والأمين العام لجامعة الدول العربية السابق، والذى راح يوما يتجول في حى البساتين ودار السلام ويتحدث إلى الناس على المقاهى ويتجول على الأكشاك والدكاكين.
ولكن الأهم أنه تناول طعام الإفطار الرمضانى يوم 23 اغسطس 2011 مع أسرة بسيطة في دار السلام، وكما هو واضح فإن زيه باللون الزهرى المفضل لديه وبدون كرافتة، وطريقة مسكه للقمة بأصابعه كما بدا في الصورة التي تم نشرها وقتذاك.. كل ذلك يدل على الكثير وقد جلس إلى جواره مدير مكتبه السفير هشام يوسف، وكان الطبق الواقع أمام موسى مباشرة هو الملوخية، وجلس موسى وهشام مع أصحاب البيت على صينية من الألومنيوم ذات قطر ليس بالكبير في غرفة يبدو مستواها من البساط المفروش متواضعا، ومن المؤكد أنه تحدث إلى الأسرة بعد الإفطار عن برنامجه والذى قال وقتها إنه يركز على حل أزمة العشوائيات وتطوير التعليم وتنظيم السكان والحد من البطالة والعناية بالصحة. وفى تغطية للإفطار في اليوم التالى كتبت الزميلة آمال رسلان في «اليوم السابع» تقول إن اختيار موسى للبيت الذي أفطر به جاء خلال جولة قام بها بدار السلام حيث فضل أن يرى الحياة على طبيعتها، ويكون قريبا من طبقة عانت من الفقر والظلم على مدار 30 عاما.
وقال لصاحب البيت: «أنا عازم نفسى على الفطار عندك يا عم حسن»، قالها موسى لصاحب المنزل والذى اصطحبه لصلاة المغرب أولا داخل إحدى الغرف، ثم جلسا سويا مع باقى أفراد الأسرة المكونة من ثلاثة رجال «هاشم وعلى» يعملان نفس عمل أبيهما «فران»، و«محمد» الذي يعمل حلاقا، وشقيقتهم ووالدتهم.
وبعد وجبة ملوخية ولوبيا وأرز وسلطة خرج موسى من منزل عم حسن قاصدا قهوة بلدى تسمى «الجزيرة»، وقال: «شاهدت بعينى الإهمال الشديد الذي يتعرض له سكان الجزيرة بدار السلام، وليس بدار السلام وحدها، ولكن بكل عشوائيات مصر، التي ظلت مهمشة ومنسية وبشكل متعمد من حكومات الحزب الوطنى المنحل المتعاقبة التي كانت حكومات من أجل رجال الأعمال، وأهل الثقة والفاسدين الذين أوصلوا البلاد إلى هذه المرحلة المزرية التي عليها الآن».
موسى كان قد تابع جولته بعد الإفطار في المعصرة وحلوان، وقال هناك كلمة تحدث فيها عن أنه يؤمن بأن ركائز العمل الوطنى هي الديمقراطية والإصلاح والتنمية، وندد بترزية القوانين. في ذلك الوقت لم يكن كثير من الناس يناقش موسى بمنطق: وأين كنت؟ ولماذا لم تتصدَّ لذلك وأنت في الحكم؟.. لأن موسى كان له تأييد قوى في الشارع منذ وقت مبكر، وزاد مع خشية الكتلة المدنية المصرية من التيارات الرجعية والتى ظهر استفحالها خلال يناير وبعده.
كانت المنافسة بين موسى وأبوالفتوح حامية الوطيس، كما نذكر، وكان على الأول أن يشارك الجمهور في صلاته وصيامه ليقطع على الثانى ما يمكن أن يحاوله لإظهار أفضليته باعتباره متدينًا. لكن المثير أن تعليقات الرأى العام تفاوتت بين التأييد القوى والاستغراب، أو الكوميكس كما هي عادتنا، وكان أطرف تعليق وقتذاك هو: إذا كان عمرو موسى قد أفطر على مائدة الغلابة.. فمتى يفطر الغلابة على مائدته؟.
وفى وقت لاحق، تناظر عمرو موسى وأبوالفتوح في واقعة لم تسبق ولن تتكرر فيما يبدو، لكن الاثنين خسرا بسببها كثيرا وليس هنا مجال لبيان الأسباب. لكن ما فعله موسى كمرشح هو في النهاية داخل إطار مصرى راسخ وغير مستغرب ألا وهو أن المرء يمكن أن يفطر في أي بيت أو أي مكان إذا دخل عليه المغرب ولم يكن بيته قريبا أو الوصول إليه سريعا ممكنا، وقد دعانى فيض الكرم المصرى وجُود البسطاء بكثير مما يملكون وهو قليل ليتصدقوا على أي عابر سبيل بتمرة أو كوب من العصير أو بإفطار كامل- دعانى إلى أن أقول إن مصر دولة عظمى خيريا، وإنه تحت كل شجرة أو ضلة فيها يوجد راغب في فعل الخير، مهما كانت ظروفه، وفى قريتى ذاتها وهى من التوابع، أي ليس لها وجود على الخريطة كما يقولون، كم رأيت من حرص على فعل الخير من أناس هم أحوج من يكون إلى أن ينالهم فعل الخير من غيرهم.
كل عام وعمرو موسى وكل سياسيينا ومواطنينا البسطاء بخير.
—————————————-
إذا نال الخبر إعجابكم فشاركه مع اصدقائك لتعم الفائدة ولكى تدعمنا لنستمر
اذا كان لديكم مقترح فلا تنسى ان تتركة لنا فى تعليق
مصدر الخبر