يلا خبر | «يوتوبيا الواقع».. جزر «سولينتينام» فى أمريكا الوسطى مستعمرة للجمال والفن

على مقربة من مدينة سان كارلوس تقع جزر «سولينتينام» بنيكاراجوا بأمريكا الوسطى، المشهورة بإنتاجها الفنى الغزير، والتى تعد بمثابة «يوتوبيا» فنية على أرض الواقع، فعلى ظهرها وبين يدى الطبيعة والجمال الذى يغمر أركانها يعيش مجتمع من الفنانين. هُنا مرسم ولوحات زيتية وهنا نقوش صخرية وهنالك منحوتات فريدة أو عازف أراد الانعزال لإبداع ألحانه على وقع الطبيعة فى أشهر مستعمرة فنية فى العالم. انطلقت فكرة هذا المجتمع الفنى الفريد بمستعمرات «سولينتينام» التى تجذب السياح ومحبى الفن من جميع أنحاء العالم، عندما أراد الرسام الهولندى، فنسنت فان جوخ، الانتقال لساحة «لامارتين»، جنوبى فرنسا فى أواخر القرن الـ19 لتدشين مستعمرة فنية هناك بحيث يمكن للفنانين العيش معًا ودعم بعضهم البعض، لكنه لم يتمكن من تحقيق هذا الحلم جراء ظروف مرضه وعقب أقل من قرن واحد، وتحديدًا فى العام 1965 عثر الشاعر والكاهن النيكاراجوى، إرنستو كاردينال مارتينيز، على المكان المثالى لتحقيق حلم فان جوخ بعد وفاته.

كانت المدينة الفنية الفاضلة، التى أسسها إرنستو كاردينال مارتينيز، فى جزر سولنتينام، بمثابة ثورة فنية، فسكان تلك المنطقة المكونة من 36 جزيرة، مطلة على بحيرة كوشيبولكا، من الصيادين والمزارعين كانوا يعانون ظروف الفقر المدقع التى فرضتها ديكتاتورية سلالة سوموزا التى فى نيكاراغوا، لأكثر من 40 عامًا، لكنهم تحولوا بفضل الشاعر كاردينال، الذى نصحهم بالرسم والنحت كوسائل للتداوى من الفقر والصدمات السياسية، إلى مجتمع فنى فريد.

نظم كاردينال ورشا لتدريب هؤلاء المزارعين والصيادين على الفنون، حتى تحولت هذه الجزر إلى «يوتوبيا فنية»، أسهمت فى تحسين حياتهم وإنقاذ العديد من سكان هذه الجزر من مصير الانتحار، أبرزهم الفنان روجر بيريز دى لاروشا، الذى حاول إنهاء حياته فى سن الـ18 عاما، لولا وجد المساعدة والدعم النفسى بين جماعة الفنانين. أخرجت جزر «سولينتينام» جيلًا من عظماء الفن، كـإدواردو أرانا، وبعد مرور 57 عامًا على تأسيس هذا المجتمع الفنى الفريد، لا يزال الجيل الأول من كاردينال يستقبل الفنانين من جميع أنحاء العالم.