اهلا بك عزيزى الزائر فى موقع يلا خبر الآن نقدم لك هذا الخبر من قسم منوعات نرجو ان ينال اعجابك.. والأن مع الخبر
2019-08-27 10:52:56
ريشة سحرية، متمثلة فى قلم فحم وأخر ألوان ، وهو يتحرك فى رشاقة ومهارة فنية راقية تتعارض مع الأيدى المعروقة والبصر الضعيف ، لترسم على الورق البسيط عالما آخر من الجمال ..من الخيال أو حتى الواقع ، واقع غير واقعه الصعب الذى عاشه على مدى 76 عاما ، فبين الحلم الضائع واليأس.
تأرجحت حياة ابو بكر ابراهيم علي منذ أن كان طالبا فى الثانوية العامة بقريته الصغيرة فى المنصورة ، حيث كان يحلم بدخول كلية الفنون الجميلة ، بعد ان إكتشف فى نفسه موهبة الفن وهو طفل صغير ، فقد كان يأخذ الطمى من أطراف الترعة القريبة من منزله ، ويصنع منها تماثيلا وأشكالا مختلفه تثير دهشة وإعجاب كل من يراها ،فقد كان فنانا موهوبا بالفطرة ، وهو ما أكده له معلم مادة الرسم فى كل صفوف الدراسة التى مر بها ، حتى مرحلة الثانوية العامة ، والتى بدأ معها تعثره فى الحياة .
والده العامل البسيط، لم يكن لديه ما يكفى لتغطية مصاريف الثانوية العامة بجانب تكاليف تعليم شقيقه الوحيد الأصغر ، فقرر ابو بكر المجئ للقاهرة للبحث عن أى عمل ليوفر نفقة تعليميه ويساعد والده البسيط ، ولم يجد عملا يستوعبه سوى السباكة ، فأقام فى غرفة صغيرة عن طريق بعض معارفه ، وبسبب إنشغاله فى العمل والجرى وراء لقمة العيش ، رسب أكثر من مرة فى الثانوية العامة ، فإنقطع عن الدراسة وتفرغ للعمل عسى أن يجد مستقبلا بديلا ، وبالتالى فقد أمله فى الإلتحاق بكلية الفنون الجميلة ليرى الناس فنه ويقدرون موهبته ، رغم ذلك لم يتوقف ابو بكر عن ممارسة فنه رغم الحاجة والفقر .
كان يقتطع من قوت يومه ليشترى الألوان وورق الرسم ، وكل سعادته فى
تلك الأوقات التى يقضيها منكبا على فنه ، يبدع ويبدع، يرسم من ذاكرته بالفحم أى وجه يراه ، رسم وجوه شهداء مصر من الشرطة والجيش ، وضحايا الإرهاب من بلدته المنصورة ،وكما رسم البشر ، رسم الشجر والزهور والطيور ، فقد كان عاشقا للجمال من الخيال ، لأن واقعه فى حياته الصعبة كان يفتقر لأى رفاهية او جمال ، لكنه لم ير احدا فنه ..فلم يجد رفاهية ان يبحث عمن يساعده ليشاهد لوحاته الصغيرة الرائعة .
عاش ابو بكر على حافة الأحلام ، تزوج سيدة بسيطة لانه يجب ان يتزوج ، وقد وجد من ترضى بحاله ، أرملة ولديها ثلاثة أطفال أيتام ، فكان هو الأب لهم ، يعمل ليل نهار سباكا ليغطى مصاريفهم ويكسب فيهم الثواب ، ولم ينجب هو سوى ولدا واحدا، فأصبح فى رقبته أربعة اطفال ، وماتت زوجته فى سن مبكر ، فإنقطع لتربية أولادها وإبنهما ، حتى كبر الجميع ، وتزوجوا وإنشغل كل منهم بحياته البسيطة وفى لهاثه خلف مطالب الحياة .
فى غرفة مساحتها أقل من الزنزانة ، غرفة قذرة كئيبة مليئة بالمخلفات وبكل البقايا ، لا شيئ فيها جميل او ينبض بالحياة ، سوى تلك اللوحات الملونة التى رسمها ابو بكر فى لحظات التجلى الفنى ، والتى يهرب فيها من حياته التعسة بخياله ، فى تلك الغرفة التى يشبهها ” بجحر فأر ” يقضى أبو بكر ما تبقى من عمره ، وقد أعيته صحته فتوقف عن شغل السباكة ،
ورأفت بحالة إحدى شركات الأمن ، فكلفته بالجلوس أمام إحدى البنايات ليحرسها مقابل جنيهات قليلة لا تسمن ولا تغنى من جوع ، وهو يمشى على قدمية طويلا من غرفته الفقيرة الضيقة الكائنة فى 1 شارع العبور بالكوم الأخضر فى الهرم ، الى حيث يعمل عمله البسيط كحارس .
ابو بكر ..ايها الرجل البسيط التعيس الذى ضاعت كل أحلامه ، حتى أصبح يقترب من النهاية ..الا زلت تعيش الحلم ، حلم الفن والحياة الطيبه ..نعم إنه لا يزال يحلم ، فعالم الخيال بداخل هذا الفنان الفريد لا يموت حتى وإن حاول الواقع قتله بكل شراسة ..ابو بكر يحلم أن يرى أحد لوحاته ، ويكتشفه ، فيقيم له معرضا ، أو تلتقطه إحدى مكاتب الديكورات ، أو مصنع للزجاج الملون ، او أى جهة تهتم بالزخارف والفن ليعمل عملا شريفا محترما ، ويقضى ما تبقى من أيامه فى هدؤ وسعادة .
ابو بكر يحلم بيد حانية وقلوب طيبه ، تمنحه غرفة او شقة بسيطة عزضا عن جحر الفأر الذى يعيش فيه منتظرا الموت ، أن يجد غسالة كهربائية تغسل له ملابسه القذرة فى وحدته فلم تعد صحته تساعده أن يقضى شئونه بنفسه ، أن يجد ثلاجة يضع فيها ما قد يجده من طعام ، بوتجاز يطهو عليه لقمة تغذيه بدلا من الفول والطعمية التى يعيش عليها كل يوم ، تليفزيون يسلى وحدته ويسرى عنه ، أن يجد قبل كل هذا سريرا نظيفا ينام عليه بدلا من هذا الهيكل الخشبى المفروش ببقايا الملابس الخشنة حيث ينام ، …يقول أبو بكر ساخرا من آلامه ” والله مع انى عايش فى جحر فار ، لكن الفار مارضيش يدخل الجحر بتاعى اللى بنام فيها ، ديك النهار لقيت فار واقف قدام باب جحرى بيبص لى ، وفجأه إدانى ضهره وجرى ، يظهرخاف يوسخ رجليه فى جحرى ” ، يقولها ويضحك فى سخرية حتى تغرورق عيناه بالدموع ، فيمسحها بكمه الممزق المتسخ ، وينظر الى ويقول : زارنا النبى يا استاذه ..بجد هتنشرى لوحاتى ..هو فيه حد ممكن يساعدنى فى الزمن ده “.
كلام الصور : اللوحات الرائعة التى يرسمها ابو بكر ويهرب بها من الواقع الصعب
—————————————-
إذا نال الخبر إعجابكم فشاركه مع اصدقائك لتعم الفائدة ولكى تدعمنا لنستمر
اذا كان لديكم مقترح فلا تنسى ان تتركة لنا فى تعليق
مصدر الخبر