أخبار

يلا خبر | شاهد.. لوسي أقدم صالون تجميل في مصر..مقصد مشاهير الزمن الجميل

اهلا بك عزيزى الزائر فى موقع يلا خبر الآن نقدم لك هذا الخبر الخاص بدولة مصر نرجو ان ينال اعجابك .. والأن مع الخبر
2018-12-05 10:48:31

تكسو ملامحها التسعينية المشربة بحمرة ناعمة نظرة رضا بينما تقف متطلعة إلي صورتها المنعكسة على بريق مرآة زجاجية ضخمة تشغل حيزًا ليس بضئيل على جدار من خشب اللوز، تغوص في بحر الذكرى لعقود مضت طبعت آثارًا جلية على  ثنايا وجهها الغضن، تنساب قسمات وجهها العشريني الفاتن بين حنايا ذاكرتها الحادة، فتفيق على صوت أليف يدعوها للمغادرة، قبل أن تلقي نظرة أخيرة على شعرها المنسدل على أكتافها في تصفيفة “دجرادية” قصيرة وتهم بالرحيل لحاقًا برجل أربعيني يحمل ملامح تألفها بشدة، ينتظرها على أعتاب أقدم صالون تجميل متخصص في مصر.

 

من ممر منزوي يلضم شارع قصر النيل بأحد دهاليز حي وسط البلد العتيق يقبع صالون “لوسي” أقدم كوافيرة في مصر بعمارة “وهبه” الشهيرة، محجوبًا عن العيون تطمس الأيام معالم الطريق إليه وتشي به رائحة الحنين التي لاتزال تفوح منه، تستقبلك فاترينته الواسعة بباقة من مستحضرات التجميل التي يحتضنها غبار السنين تَعِد رواده بأفضل عناية لأظافر اليد والقدمين، تتوجها لوحة عريضة نقش عليها الاسم بالعربية والإنجليزية والفرنسية، بداخله تجثم “لوسي” على مقعد أنيق عاكفة على يد زبونة تقلم أظافرها وتهذبها قبل أن تمارس بفرشاة الطلاء طقوسها السحرية على الأظافر بحنكة فنان، مالك باع مديد في الرسم، تبادر بالترحيب بالزوار بعربية ركيكة تتناغم مع شدو بحة فرنسية لم تزعزعها السنون.

 

 

تطلق زفرة دافئة تنفرج على وقعها أبواب خزائن ذكرياتها الموصدة، لتخوض مدام “لوسي”، صاحبة الجذور الأرمنية، جولة لما يقارب قرن من الزمان بين غياهب الأيام ومقاصد القدر، تنزل في

أولى محطاتها عند شارع عماد الدين، على أعتاب شركة “باتا” الشهيرة، بواجهتها الزجاجية التي تماثل فخامتها أشهر المتاجر متكاملة الخدمات من حول العالم، تطأ قدمي “لوسي” التي لم تتجاوز العاشرة بقليل المكان في أولى أيام تدريبها، تصطف مع قريناتها في انتظار توزيع سرب المتدربين على خلايا الشركة، وتقع الصبية أسيرة طابع النظام الأوروبي الخالص ويسحرها شغف العاملين وانظباطهم، هناك استكشفت دروب المهنة وتشربت بأسرارها عن ظهر قلب.

 

تقلب صفحات الذكرى بروية، فيحط قاربها في عام 1960، حيث كانت على موعد تتويج قصة حبها الدافئة بالزواج توثيقًا لرباط الحب الذي جمعها بابن الجيران وزميلها في شركة باتا، طيلة 4 أعوام، طوت خلالها صفحة الصبا واستهلت حياتها الجديدة في صالة من طابقين يقوم عليها متجر “لوسي” وقرة درب الكفاح الدؤوب الذي عبرته يدًا بيد مع وليفها الراحل، ترسم خطوط الذكريات لوحات من الحنين على جدرانه، ويلفه أريج الألفة فيما تستقبل عتباته المتأكلة زائريه مع دقات السادسة صباحًا، زبائن وجدوا بين جدرانه رحابة المنزل وعثروا في صاحبته على آذان صاغية وفم كتوم لاينفرج إلا عن آراء سديدة شحذتها بها الأيام.

 

في مستهل التسعينات وبينما تزحف خيوط شمس الصباح على وجوه المنازل، وتطرق الحياة على أبواب نواصي الشوارع والأحياء ينتفض صالون لوسي عن خلية نحل لاتكف عن

الطنين موظفين يؤدون سيمفونية من النظام، تقودها لوسي فيما ترقب الساعة بين الحين والآخر في انتظار زبونها الأسير وكاتبها المفضل، “نجيب محفوظ” يتزامن وقع خطاه إلى المتجر مع ساعة أنيقة معلقة على الحائط تشير عقاربها للتاسعة والنصف صباحًا، يحيها بإيمائه مهذبة ويصعد إلى الطابق العلوي ليحصل على جلسة خاصة من العناية بالأظافر فيما ينتظره سرب من المعجبين على أبواب الصالون ينتظرون إشارة من “لوسي” للحصول على توقيعه.

 

يتأرجح بندول الزمن ينبش في حوايا ذاكرتها، سنين تتقلب في سعادة الشهرة والنجاح التي جعلتها مقصدًا لمخرجي السينما وشيخ المنتجين”جمال الليثي” الذي عثر في قسماتها الأرمانية التي لوحته أشعة شمس المحروسة وجهًا صاعدًا بكبرى الأعمال السينمائية، كـ “أرض النفاق” و”بنات بحري”، تؤدي شخصيتها الحقيقية، وأصبح صالون “لوسي” قبلة لصفوة المجتمع ومشاهير السينما والصحافة أمثال حسنين هيكل وفاروق شوشة، وآمال عثمان، وهند رستم وشويكار وتحية كاريوكا، والثنائي شويكار وفؤاد المهندس اللذان تلازما دومًا في زيارتها وفاتن حمامة، زبوتها الأثيرة التي اعتادت اصطحاب ابنها “طارق” خلال زيارتها المتكررة، جميعهم أضحوا ضيوفها المقيمين يتشاركا البكاء في الأحزان والضحكات في الأفراح ويتبادلن حتى وصفات الطعام، عقبتها سنين عجاف ذاقت فيها مرارة الفقد وبرد الوحدة برحيل زوجها فلم ينتشلها من الحزن سوا قرب وحيدها رأفت ابنها البكري وعصاها التي تتؤكأ عليها، وصالون التجميل.

 

يمر شريط الذكريات أمامها فتخيم سحب الحزن على عينيها النجلاوتين، تمشط وجدانها بحثًا عن لحظة مجهولة عبثت فيها رياح التغير العاصفة بوجه القاهرة المحروسة فبددت حلة الحسن الأخاذ التي لطالما غطت معالمها وهيئة سكانها، تشيح بصفحات الأربعين عامًا الماضية فتتلألأ عينيها أسفل ضوء مصباح صغير يضيئ إحدى زوايا المتجر مسترجعة تفاصيل طلتها اليومية في طريقها للعمل، بلوزة بسيطة تتناغم على تنورة قصيرة تتماوج في أنوثة هادئة غابت عن شوارع العاصمة، بعد أن اكتست بثوب رمادي غائم، نرى فيه النساء يتشاركن الرجال الأزياء وتعبيرات العبوس على الوجوه.
شاهد الفيديو..

 


—————————————-
إذا نال الخبر إعجابكم فشاركة مع اصدقائك لتعم الفائدة ولكى تدعمنا لنستمر
اذا كان لديكم مقترح فلا تنسى ان تتركة لنا فى تعليق

مصدر الخبر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عطل الاضافة حتى تتمكن من متابعة القراءة