يلا خبر | في مئوية ميلاده 17 أغسطس.. 4 وجوه لـ خالد محيى الدين «ضابط ومناضل وبرلماني وصحفي» – تحقيقات وملفات
اهلا بك عزيزى الزائر فى موقع يلا خبر الآن نقدم لك هذا الخبر الخاص بدولة مصر نرجو ان ينال اعجابك.. والأن مع الخبر
2022-08-17 19:32:06
حلم قديم بوطن عظيم.. خالٍ من الإقطاع والاحتلال، يتمتع بالعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية، هذا ما كان يحرك الشاب خالد محيى الدين، الذى أصبح بعد ذلك عضواً في تنظيم الضباط الأحرار، ثم قاد مع جمال عبدالناصر وباقي رفاقه ثورة 23 يوليو 1952.
هذا الحلم ظل يراوده بشكل أو بآخر، فى مراحل حياته المختلفة، حين قرر الاستقالة من مجلس قيادة الثورة والانحياز للديمقراطية، وبعد أن عاد لاحقاً ليشارك فى الحياة العامة عبر عضويته فى مجلس الأمة، ثم تأسيس جريدة المساء، وحين أسس وتزعم حزب التجمع، وظل يناضل حتى آخر حياته من أجل الحرية والعدل الاجتماعى والديمقراطية، التى بقى مخلصاً لها فى وجوهه المختلفة، الثائر منها، أو البرلمانى، أو المناضل، أو رئيس التحرير، وهى الوجوه التى نحاول تلمس ملامحها هنا.
ضابط حُر.. أصر على الانضمام للكلية الحربية بالمخالفة لرغبة والده فى دراسة الزراعة
فى مذكراته المنشورة بعنوان «.. والآن أتكلم»، يحكى خالد محيى الدين، مؤسس وزعيم حزب التجمع، عن الظروف التى قادته إلى تأسيس تنظيم الضباط الأحرار، ليصبح مشاركاً فى ثورة 23 يوليو 1952، التى أطاحت بالملك فاروق ثم بالملكية ككل، وأحدثت تغييرات اجتماعية واقتصادية عميقة فى المجتمع المصرى.
ابن كفر شكر تعلم الديمقراطية من خاله
يحكى خالد محيي الدين، أنه، ومنذ التاسعة من عمره، بدأ يتعلم الديمقراطية من خاله الذى كان عائداً لتوه من فرنسا بعد أن حصل على ماجستير فى الاقتصاد، وكان طالما يتحدث عن الدستور والديمقراطية، وضرورتهما، فى وقت كانا يتعرضان فيه لانتهاكات جسيمة على يد رئيس الوزراء وقتها، صدقى باشا، وهو الأمر الذى ترك آثاراً كبيرة بقيت فى تكوينه لاحقاً.
شارك في مظاهرات مدرسة فؤاد الأول
وفى مدرسة فؤاد الأول، التى كانت من أكثر المدارس إسهاماً فى التحركات الطلابية والمظاهرات، اندمج «محيى الدين» رغم أنفه فى المناخ السياسى المتفجر عام 1935، حيث شارك بالفعل فى العديد من المظاهرات، وهو الأمر الذى زاد مع الجدل حول معاهدة 1936، وسيطرت المشاعر الوطنية عليه.
الالتحاق بالحربية خلافا لرغبة الوالدجاء عام 1938 ليكون، وفق مذكرات «محيى الدين»، إيذاناً لأن تتخذ وطنية محيى الدين طريقاً آخر غير المظاهرات، بعد أن قرر الانضمام إلى الكلية الحربية، عقب حصوله على ما كان يعرف بشهادة الثقافة العامة «الصف الرابع الثانوى»، فى وقت كانت النية تتجه فيه إلى توسيع الجيش المصرى وزيادة عدده ورفع مستواه التسليحى استعداداً لاحتمالات نشوب الحرب العالمية الثانية.
يقول «محيى الدين» عن نقطة التحول تلك فى حياته: «لم أكن طالباً متعثراً وكان أبى يغرينى ويلح علىَّ بأن أحصل على التوجيهية ليرسلنى إلى أمريكا لأدرس الزراعة الحديثة وأستمر حتى أحصل على الدكتوراه، لكنى كنت أندفع باتجاه آخر، حيث كانت الروح الوطنية تلهب مشاعرنا نحن الشباب فى هذه الفترة، وكنا نشعر أن مصر بحاجة لجيش حقيقى قادر على حمايتها، جيش وطنى يعمل من أجل الوطن، وهكذا تعلقت بفكرة الانضمام إلى الكلية الحربية».
وفي الكلية الحربية، أخذت الوطنية تمتزج بالروح الثورية، وفق ما يسرده في مذكراته، بعد أن كان المستشارون العسكريون الإنجليز فى الكلية يحركون مشاعرهم المرهفة، ويجعلونهم يستشعرون حالة أقرب إلى الهوان، لتبدأ وقتها أول «مشاغبة» له فى الكلية، حين اتفق مع زميل له على استبدال اللافتة المكتوبة بالإنجليزية على مكتب المستشار العسكرى البريطانى بلافتة باللغة العربية، وعاد بعدها إلى سريره وشىء ما يغلى فى داخله ضد الوجود الإنجليزى فى الكلية.
الخدمة في «سلاح الفرسان»
ولم يكد «محيى الدين» يتخرج فى الكلية الحربية حتى التحق بالخدمة في «سلاح الفرسان»، ثم جاءت واقعة مصادرة الإنجليز لدباباتهم لتعويض خسائرهم أمام الألمان فى الحرب العالمية الثانية، وهو الحدث الذى، حسبما يقول، ترك لديه «إحساساً بالمرارة لا يمكن أن يوصف، وقدر مهانة لا يمكن تحديد حجمه، فكيف نكون جيشاً بلا أسلحة؟ وكيف يأخذ المحتلون سلاحنا؟»، وهى أحاسيس زادها وجود ضباط إنجليز فى الجيش المصرى يتعاملون بتعالٍ ويتقاضون مرتبات عالية جداً مقارنة بالضباط المصريين.
غضب لحصار الإنجليز قصر الملكجاء بعد ذلك حادث 4 فبراير 1942 التى حاصر فيها الإنجليز قصر الملك بالدبابات لإجباره على تعيين وزارة برئاسة النحاس باشا، وهو الحادث الذى يقول عنه «محيى الدين» إنه: حول الإحساس الوطنى إلى غضب دافق وإحساس بضرورة فعل شىء ما، ليصل فى النهاية إلى قناعة بضرورة العمل من موقعه كضابط فى عمل سياسى من أجل مصر وتحريرها من سيطرة الاستعمار.
نائب الأمة.. قدم نموذجاً فريداً فى العمل العام وزعامة المعارضة دون صراخ أو مزايدة
بعد أن عاد خالد محيى الدين من سويسرا التي ذهب إليها، حسبما يروي في مذكراته «.. والآن أتكلم»، بناءً علي اتفاق مع جمال عبدالناصر، إبان أزمة مارس 1954 التي تمحورت حول عودة الأحزاب السياسية من عدمه، وبعد أن استتبت الأمور لثورة يوليو لاحقاً، سأل «عبدالناصر» زميله القديم في تنظيم الضباط الأحرار، عما يريد فعله، بعد العودة، فأخبره «محيى الدين»، أنه يريد أن يعمل في الحياة العامة ويرشح نفسه لمجلس الأمة، وهو ما وافق عليه عبدالناصر.
واليوم، بينما تحتفل مصر بذكرى مئوية ميلاد خالد محيى الدين في 17 أغسطس 1922، نرصد أحد أبرز وجوهه التي شهدتها مسيرته الطويلة، وهى وجه «نائب الأمة»، الذي يدافع عن حقوق كافة المواطنين في وطن حر وعدالة اجتماعية، وليس حقوق ومطالب أهالي دائرته الانتخابية في كفر شكر فحسب.
عبد العال: تعلمنا منه تقديم بدائل للسياسات التي نعترض عليها
ويقول سيد عبدالعال رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ إن محيى الدين كان صاحب مدرسة في المعارضة الوطنية النزيهة وزعامة المعارضة داخل البرلمان.
ويضيف في حديث لـ «الوطن»، أنه يجب احترام الجماهير التي تنتخب النائب البرلماني، مع الحرص على التواجد بينها.
ويتابع «عبد العال» قائلا إن محيى الدين كان يهتم بجانب العمل السياسي بالجوانب السلوكية للمعارض وعضو الحزب أو التجمعي، سواء كان عضوا في البرلمان أو عضو عادي في الحزب، وأنه يجب أن يكون قدوة لغيره في السلوك الشخصي قبل الممارسة السياسية المنضبطة.
ومن أشهر الأقوال المأثورة لـ محيى الدين، وفق ما يقول «عبد العال» أن «المعارض لا يردد جمل رنانة، وقبل أن يعارض أى جهة يجب أن يكون لديه بديل يقدمه حتى يحظى حديثه باحترام».
دوره الوطني تجاوز تمثيله لدائرة كفر شكر بالبرلمانويحكي عماد فؤاد، مساعد رئيس حزب التجمع للإعلام، كيف كان خالد محيى الدين برلمانياً قديراً، ويمارس دوره كنائب عن الأمة بكل إخلاص، مؤكداً، على سبيل المثال، أنه لم يعتبر نفسه ممثلاً فقط لمسقط رأسه، دائرة كفر شكر بالقليوبية، التي مثّلها عدة دورات منذ عام 1957 حتى عام 2005، وكان مكتبه يتلقي طلبات المواطنين وشكاواهم من أنحاء الجمهورية.
ويقول مساعد رئيس حزب التجمع للإعلام: كان خالد محيى الدين بصفته نائباً معارضاً يهتم كثيراً بإعداد رد موضوعي على بيان الحكومة أمام البرلمان، وكان يعقد اجتماعات متتالية مع كبار الاقتصاديين في الحزب، ومن بينهم الدكتور فؤاد مرسي، والدكتور إسماعيل صبري عبدالله، والدكتور جودة عبدالخالق، ليتضمن الرد سياسات بديلة لسياسات الحكومة.
نموذج للمعارض الوطني دون صراخ أو مزايدة
ويضيف «فؤاد»: كان خالد محيى الدين في كل ممارساته تحت قبة البرلمان يقدم دائماً النموذج الحي للمعارض الوطني الموضوعي دون صراخ أو مزايدة، وأتذكر ما فعله معي قبل ما يقرب من 20 عاماً.
في ذلك الوقت أسفرت انتخابات برلمان عام 2000 عن فوز كل من حزبي الوفد والتجمع بعدد متساوٍ من النواب لكل منهما، وكان يكفي أي منهما انضمام أحد النواب لهيئته البرلمانية، ليمنح له زعامة المعارضة رسمياً تحت قبة البرلمان، ولأنني بجانب عملي كمحرر برلماني لجريدة «الأهالي» كنت أتولي مهمة سكرتير الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، انشغلت كثيراً بحكاية زعامة المعارض، وفي حوار عابر مع أحد النواب المستقلين، عرض علىّ أن ينضم للتجمع، وتحمست لحديثه وصحبته إلي البهو الفرعوني حيث يجلس الأستاذ خالد محيى الدين، وطرحت الموضوع عليه وكأنني أقدم له زعامة المعارضة علي طبق من ذهب.
فجأة، حسب «فؤاد»، اختفت الابتسامة التي كانت جزءاً من ملامح محيى الدين، وقال للنائب: يسعدنا انضمامك لنا، لكنني لا أملك رداً الآن، وسأعرض الموضوع علي الأمانة العامة للحزب؛ صاحبة القرار، وسأله النائب: ومتي يتم ذلك؟.. ليجيب الأستاذ خالد: بعد 3 أشهر من الآن!. وانصرف النائب المستقل مستشعراً ما قصده خالد محيى الدين بالرفض، ثم التفت لي الأستاذ خالد بعدها، يكمل «فؤاد»، وبلهجة حادة قال: «عايز ينضم لنا واحد شتام.. فاكر إن المعارضة ردح وتطاول وقلة قيمة.. ده زي لاعب الكرة الغشيم، يجيب إجوان في فريقه لحساب المنافس»، ورددت عليه – والكلام لـ«فؤاد»: «أنا جايب لحضرتك زعامة المعارضة»، فرد بسرعة: «لأ انت جايب لحضرتي مصيبة.. حضرتك جايب للحزب قنبلة موقوتة تفجره».
ويضيف «فؤاد»: صباح اليوم التالي استدعاني الدكتور رفعت السعيد، أمين عام الحزب الراحل، وطلب مني الاعتذار للأستاذ خالد، لكن الأخير قال لي: «مش عايزك تعتذر.. بس عايزك تفهم.. النائب ده بالنسبة لي غير مريح.. وغير إنه شتام، فهو لا يحلو له الهجوم إلا وهو في الخارج.. هو لا يعارض، لكنه يحرض الخارج علي الدولة، وإللي زي ده قلّته أحسن».
المناضل المثال.. انحاز لحقوق الفقراء وتبرع بمستحقاته من البرلمان للاعمال الخيرية
لم يكن لشخصية تشرّبت منذ صغرها حب الوطن والاهتمام بالعمل السياسي والحلم بوطن يتمتع بالعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية، مثل خالد محيى الدين، إلا أن تظل تناضل من أجل هذه القيم.
هذا ما ظهر جلياً من خلال تزعمه لمنبر اليسار، في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، والذى أصبح بعد ذلك حزب التجمع، الذي خاض معارك قاسية وصعبة تحت مظلته، دفاعاً عن القيم الوطنية وحقوق الطبقات المتوسطة والفقيرة ومدافعا أيضا عن الاستقلال الوطني، ليشكل «محيى الدين» بذلك نموذجا للمناضل المثال أو النموذج الذي يجب أن يكون عليه من يتصدى للعمل العام والنضال السياسي.
السيد: «محيى الدين علمنا نكون مناضلين طويلي النفس»
وعن الجانب الناضلي في حياة وشخصية زعيم اليسار خالد محيى الدين، يحكى كامل السيد، أمين حزب التجمع في القليوبية وأحد المسئولين عن دائرة خالد محيى الدين الانتخابية، كيف أنه وغيره ممن كانوا شباباً وقت زعامته لحزب التجمع، تعلموا على يديه أن يكونوا مناضلين طويلي النفس، دون أن يُقدموا تنازلات في الوقت نفسه.
يقول «السيد»، الذى كان مسئولاً عن جانب كبير من الدائرة الانتخابية في كفر شكر لـ «محيى الدين»، ومطلعاً على جانب كبير من معاركه السياسية: كنا شباباً صغيراً وكان يعلّمنا أن سكة التنازلات تبدأ بخطوة، وفي نفس الوقت، كان يعلمنا أيضاً أن نكون مناضلين طويلى النفس، ننتهج السياسة الواقعية، ولا نكون مغامرين، ولا نضرب أنفسنا بحماس الشباب في عمود خرسانة فنفقد حياتنا.
ويتذكر «السيد» موقف «محيى الدين» من المشاركة في المؤتمرات السياسية، ورفضه للتحذيرات التى كانت تأتيه بعدم المشاركة فيها، قائلاً: إنه أحياناً ما كان يتصل به وزراء الداخلية يطلبون منه عدم الذهاب لمؤتمرات سياسية بعينها ويحذرونه من احتمال حدوث مشكلات وصعوبة تأمينه، وهو ما حدث في أسوان، والمنصورة، والرملة بمركز بنها، إلا أن أستاذ خالد كان يقول «الناس اللى داعياني تأمّنى»، وهو ما كان يحدث بالفعل، وكانت هذه المؤتمرات والزيارات تحدث بنجاح وإقبال كثيف من المواطنين.
السيد: راتبه من مجلس الشعب كان يذهب بالكامل للفقراء
ويوضح أمين التجمع في القليوبية إلى أنه رغم أن خالد محيى الدين كان ينتمى لأسرة غنية، وكان والده يمتلك قبل الثورة مئات الأفدنة من الأرض الزراعية، إلا أنه كان مناضلاً من أجل حقوق الفقراء، وعندما تم تعديل قانون العلاقة بين المالك والمستأجر في الأرض الزراعية، فإنه جدد للفلاحين المستأجرين لأرضه عقودهم دون أن يفرض عليهم مبالغ إضافية، لافتا إلى أنه كان يسعد بخدمة الفقراء والبسطاء، وتدخّل لحصولهم على حقوقهم، عندما كان وضعهم الاجتماعي يقف حائلاً دون التحاقهم بوظائف وجهات معينة.
ويشير «السيد» إلى أن «كل المبالغ التى كانت تأتيه من مجلس الشعب، لم يصرف منها شيئاً في بيته وكان يوظفها لخدمة الفقراء والمساكين وأسر بعض المناضلين الذين توفوا، وعمره ما دخّل جنيه من البرلمان في بيته، ولما توفي أبوه وهما بيدوّروا في الأوراق لقوا كشوف أبوه كان عاملها للناس اللى ظروفهم صعبة، وإخوته قالوا إحنا موافقين إنك تستمر، وهناك أسر تعلمت وناس كانت ظروفها قاسية، وكان بيدفع مصاريف المدارس لكتير غير قادرين في الدائرة».
الانحياز للفقراء كانت تتم ترجمته في مواقفه داخل البرلمان، حيث كان دائماً، في رده على بيان الحكومة، منحازا للفقراء، ويؤكد على ضرورة تحسين الأجور وأن تتناسب مع الأسعار، وأن تكون خدمات التعليم والصحة مجانية باعتبارها حقاً كالماء والهواء، وألا يقل التعليم الحكومى في جودته عن الخاص.
صحفي.. أسس جريدة المساء بطلب من «عبد الناصر» وقدم تجربة لامعة في الصحافة المسائية
يحكى خالد محيى الدين فى مذكراته «.. والآن أتكلم» كيف بدأت علاقته بالصحافة وأصبح رئيس تحرير، مشيراً إلى أنه عند عودته من سويسرا، ولقائه بجمال عبدالناصر، بناءً على طلب الأخير، سأله: ناوى تعمل إيه يا خالد، واستمع إليه، اقترح عليه عبدالناصر عدة اقتراحات كان من بينها تأسيس جريدة يسارية مسائية، قائلاً: «كل البلاد العربية فيها جرائد يسارية، وعيب إن مصر لا يكون فيها جريدة يسارية.. وأنت أفضل من يصدر هذه الجريدة»، مؤكداً فى الوقت نفسه على ضرورة أن تكون «يسارية معتدلة»، وعندما سأله «محيى الدين»: ولماذا مسائية؟ قال بصراحة واضحة: لكى تكون محدودة الانتشار والتأثير.
اليوم في ذكرى مئوية ميلاد محيى الدين في 17 أغسطس 1922، نلقى الضوء على جوانب من شخصية ومسيرة القيادي الوطني الكبير، والتي دونّن كثيرا منها في مذكراته
محيي الدين في مذكراته: عبد القادر حمزة علمني الصحافة من الألف للياءوفى حوار تليفزيونى لاحق مع الإعلامى عمر بطيشة، يحكى خالد محيى الدين بنفسه عن دوره كرئيس تحرير فى فترة حكم عبدالناصر، أنه بعد أن أنشأ جريدة «المساء»، تولى عبدالقادر حمزة تعليمه الصحافة من الألف إلى الياء: حيث علّمنى «إزاى أجيب الموضوع وأكتبه وعناصر الخبر، والمقالة الافتتاحية تتكتب إزاي، والأرشيف يتعمل إزاي، وبدأت أكتب حاجات ويراجعها معايا، فاتعلّمت معاه الصحافة فى المساء، وأعتقد أن جريدة المساء كانت مدرسة إيجابية فى الصحافة المسائية».
ويضيف «محيى الدين»: بعد ذلك اشتغلت رئيساً لمجلس إدارة وتحرير أخبار اليوم، بقرار من عبدالناصر أيضاً، لافتاً إلى أن تلك كانت أكثر فترة كان عبدالناصر على اتصال به، لأن الصحافة بالنسبة له كانت جهازاً فى منتهى الأهمية، مضيفاً: كان يكلمنى يقولي أنت قريت الصحافة اللبنانية، ويقول لى لازم تقراها، فعبدالناصر كان يقرأ كل الجرايد بإمعان
محيي الدين في مذكراته: «عبد الناصر قال لي لازم تقرا الإعلانات»
ويحكى زعيم حزب التجمع فى هذا السياق، أنه عندما قدمت ألمانيا الغربية معونة لإسرائيل، دعت مصر رئيس ألمانيا الديمقراطية لزيارتها، سنة 1965، كما دعت للاعتراف بألمانيا الديمقراطية، وخرجت عن إجماع العرب فى هذا الموقف كل من ليبيا وتونس، وآنذاك، فى يوم من الأيام، فى الساعة السابعة صباحاً، وجدت زوجتى توقظنى من النوم لتقول لى «عبدالناصر على التليفون»، وعندما تحدثت معه قال لى أنت قريت جريدة الأخبار «اليومية»، قلت له طبعاً، قال لأ.. فسألنى: انت قريت الإعلانات، فقلت له: هقرا الإعلانات يا ريس، قال لازم تقرا الإعلانات، فقال لى اقرا الإعلانات واطلبنى.. حينها وجدت إعلاناً عن الملك السنوسى، ملك ليبيا آنذاك الذى عارض الاعتراف بألمانيا الديمقراطية، وكان الإعلان يُمجد فيه وسياسته الخارجية الحكيمة، فاتصلت به وقلت له «حقك علىّ.. أنا هشوف الموضوع»، وقال لى بعد كده تقرا الإعلانات، فالصحافة عنده كانت مسألة رئيسية، وكان مهتماً بمخاطبة الرأى العام، ولذلك عندما كنت رئيس تحرير كان بيتصل بى أكتر ما بيتصل بوزير الداخلية.
«النقاش»: صاحب الفضل فى جعل «المساء» منبراً إبداعياً حتى بعد رحيله عنها
وتتوسع الكاتبة الصحفية أمينة النقاش، رئيس تحرير جريدة الأهالى حالياً، فى الحديث عن تجربة خالد محيى الدين فى الصحافة ورئاسة التحرير وبداياتها قائلة: بعد أن اختلف «محيى الدين» مع عبدالناصر، وسافر إلى سويسرا بعد أزمة مارس 1954، عاد فى أواخر 1956، وعندما عاد قال له عبدالناصر «اختار عايز تعمل إيه؟».. وهكذا بدأ فى أول عام 1957 تأسيس جريدة المساء.
وتوضح «النقاش» أن جريدة المساء كانت فى عهده أول جريدة مصرية وربما عربية لصحافة الرأى، وكان معظم كتاب ومثقفى اليسار المصرى يعملون معه فيها، ومنهم عبدالعظيم أنيس وسعد كامل، ومحمد سيد أحمد، ومحمود أمين العالم.. وما إن بدأت بشائر سنة 1959، وبوادر الصدام بين بعد الناصر واليساريين، حتى ترك خالد محيى الدين جريدة المساء، وإن ظلت بعده منبراً ثقافياً وإبداعياً مهماً بسب المدرسة التى وضع أسسها خالد محيى الدين.
وفى عام 1961 عندما تم تأميم الصحافة، حسبما تروى «النقاش»، عاد «محيى الدين» إلى الصحافة، رئيساً لمجلس إدارة وتحرير أخبار اليوم، فى وقت أصبحت فيه الصحف كلها تحت ملكية الدولة والحكومة المصرية، مشيرة إلى أنها لم تكن تجربة لافتة كثيراً، خاصة أن خالد محيى لم يستمر فيها فترة كبيرة، وكانت حوالى سنة.
—————————————-
إذا نال الخبر إعجابكم فشاركة مع اصدقائك لتعم الفائدة ولكى تدعمنا لنستمر
اذا كان لديكم مقترح اتركه لنا فى تعليق
مصدر الخبر