أخبار

يلا خبر | أشرس معارك “معرض الكتاب” في نصف قرن – مصر

اهلا بك عزيزى الزائر فى موقع يلا خبر الآن نقدم لك هذا الخبر الخاص بدولة مصر نرجو ان ينال اعجابك.. والأن مع الخبر
1970-01-01 00:00:00

«هذه المناظرة هى إحدى ثمار الدولة المدنية، التى تسمح لكم بأن تناظرونا هنا، وتخرجون برؤوسكم فوق أعناقكم»، هذه العبارة وجّهها الدكتور فرج فودة للتيار الأصولى المواجه له فى المناظرة الشهيرة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى 1992، وهى المناظرة التى دفع المفكر بعدها حياته ثمناً لمواقفه التنويرية، تلك المناظرة كانت واحدة من الأزمات الكبرى التى جرت فى معرض القاهرة الدولى للكتاب على مدى نصف قرن من العمر، وكانت قبلها الأزمة الشهيرة لتدخل الأمن المركزى فى الحدث الثقافى، لفض مظاهرات المثقفين، احتجاجاً على مشاركة إسرائيل لأول وآخر مرة فى المعرض فى عام 1981، بالإضافة إلى حالة الجدل التى كانت تصاحب ندوات الراحل محمد حسنين هيكل.

“مبارك” منع ندوات حسنين هيكل

قال الكاتب الصحفى عبدالله السناوى، إن عقد الندوات على هامش معرض الكتاب، كان فكرة فارقة فى تاريخ المعرض، على مدى أكثر من 50 سنة، لأن المعرض لم يعد مجرد سوق لبيع الكتب، بل أصبح مكاناً لتبادل الآراء والأفكار، والاستماع إلى مناقشات مختلفة وإثارة الجدل العام، وكانت ندوة محمد حسنين هيكل واحدة من أبرز هذه الأحداث، والتى ألقاها فى موضوع «ماذا بعد مبارك؟» وهى محاولة لاستشراف المستقبل، والنظر إلى الأحوال المصرية، وكان الموضوع الرئيسى «إلى أين نحن ذاهبون؟»، وقد أثارت هذه المحاضرة جدلاً واسعاً، واستقطبت جمهوراً حاشداً فى داخل القاعة وخارجها.

وأكد «السناوى» أن «هيكل» كان يتعرّض للمنع من الظهور من حين إلى آخر، وبعد ندوة معرض الكتاب صدرت أوامر بمنعه من المشاركة فى المعرض، بسبب الحساسية المفرطة لكل ما يقوله «هيكل»، وبسبب التزاحم الشديد على الندوة، كما تم منعه من إلقاء محاضراته فى معهد الإدارة العليا بالإسكندرية، حتى إن «هيكل» مُنع تقريباً من الظهور على الفضائيات فى أواخر حكم «مبارك»، كما أن هناك مخرجاً اسمه كمال مسعود، عمل معه حواراً وفيلماً وثائقياً بعنوان «السد والنيل»، وكان بإذن من صفوت الشريف وزير الإعلام وقتها، ومع ذلك لم يُعرض، مضيفاً: تطرّقت إلى ما كان يتعرّض له «هيكل» من منع، فى كتابى «أحاديث برقاش».

وأوضح الكاتب الصحفى يحيى قلاش، أن هناك حدثين كانا فارقين بالنسبة لـ«هيكل»، وهما محاضرة فى الجامعة الأمريكية، وندوة معرض الكتاب، التى طرح فيها فكرة أن «نظام مبارك سلطة شاخت على مقاعدها»، وكانت محاضراته فى ذلك الوقت تُحدث تأثيراً وجدلاً كبيرين، لذلك كان نظام «مبارك» شديد الحساسية من تلك الندوات فى السنوات الأخيرة. واستكمل «قلاش»: كنت على تواصل مع «هيكل» حتى آخر أيام حياته، وشاهدت منعه من الظهور فى أكثر من موقف، أتذكر مثلاً لقاء «هيكل» فى الجامعة الأمريكية، الذى أذاعته قناة «دريم»، وتم الإعلان عن إعادته، إلا أنه تم الضغط على القناة، لوقف إعادة بث الندوة.

وقال الكاتب إبراهيم عبدالمجيد، إنه كان مسئولاً عن المقهى الثقافى فى معرض الكتاب منذ بداية التسعينات إلى بداية الألفية الجديدة، ويتذكر يوم المناظرة الشهيرة للدكتور فرج فودة، ومعه الدكتور محمد خلف الله، مع التيار الأصولى المتمثل فى مرشد تنظيم الإخوان مأمون الهضيبى، والشيخ محمد الغزالى، والدكتور محمد عمارة، وكانت المناظرة تحمل عنوان «مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية»، وأدارها سمير سرحان، رئيس الهيئة العامة للكتاب، واستمرت نحو ساعتين.

وأضاف «عبدالمجيد»: كان فرج فودة قبل المناظرة بنحو نصف ساعة فى المقهى الثقافى، وتناولنا الشاى معاً، ثم وجدت خارج قاعة الندوة مئات من الناس الملتحين، وخلال الندوة كانوا يقاطعون فرج فودة، ويرفعون أصواتهم بالهتاف والتكبير، لذلك لم أكن أتوقع خيراً يومها، رغم أن فرج فودة كان متسماً بالهدوء، فهو معتاد على مثل هذه المناقشات، كما أنه أصلاً كان ضحوكاً وباسم الوجه.

ويواصل: قبلها فى 1981، كنا نوزع منشورات تحريضية تعدّها اللجنة الوطنية بحزب التجمع، واللجنة كانت تضم نخبة من المثقفين والمفكرين، منهم صلاح عيسى وفريدة النقاش وسيد البحراوى، ولطيفة الزيات وعواطف عبدالرحمن، وغيرهم وهذه اللجنة هى التى رفضت مشاركة إسرائيل فى معرض الكتاب، متابعاً: وزّعنا المنشورات على زوار المعرض، فدخل الأمن المركزى وقبض على مجموعة من المثقفين، منهم أنا، وكمال خليل وبشير السباعى، ونحو 25 فرداً، منهم المفكر الإسبانى جورج استيفا، ودخلنا الحبس لمدة 23 يوماً إلى شهر، موضحاً: اللجنة كانت مستهدفة من الأمن، لأنها كانت هى المحرضة للجماهير على التظاهر، لرفض مشاركة إسرائيل فى المعرض.

وروى «عبدالمجيد» أن الرئيس الأسبق مبارك كان يحظر افتتاح عدد من الدورات، وبعضها حدثت فيها أزمات، مثل دورة 1992، عندما تحدّث الكاتب على سالم، معرّفاً عن نفسه، وكانت الباخرة «سالم إكسبريس» قد غرقت قبلها بأسبوع فى خليج السويس قرب سفاجا، فبعد أن قدّم نفسه معلناً اسمه «على سالم»، قال «مبارك»: هو انت؟ وكان يقصد غرق الباخرة طبعاً، وممكن تكون القافية حبكت، لكن القليل من الحضور ضحكوا على هذه النكتة.

وتقول الكاتبة فريدة النقاش: نحن فى حاجة إلى المناظرات الفكرية، فى المعرض، مثل مناظرة الدكتور فرج فودة مع التيار الأصولى المتشدّد، خاصة أن الدول ترفع شعار «تجديد الفكر الدينى»، مؤكدة: لو استمر تقليد المناظرات، كما جرى فى مناظرة الدكتور فرج فودة، ولم يمنع الخوف المنظمين من تنظيم عشرات المناظرات المشابهة، لكان النفوذ الكبير للجماعات الإسلامية المتشدّدة لم يتفاقم إلى هذه الدرجة، لكن لا بد من دفع الثمن «فرغم النهاية المأساوية للمفكر فرج فودة، فإن المناظرة أثبتت قدرة الفكر الديمقراطى على أن يقدم حججه بقوة ومهارة، وهو ما كان يحتاج إلى المزيد من المناظرات، رغم فداحة الثمن الذى دفعته أسرة فرج فودة، وكذلك الحياة الثقافية، لأن المنظمين خائفون، وهو ما أخرنا».

وأشارت «النقاش» إلى أن المثقفين دفعوا الثمن فى 1981 عندما تعرّضوا للاعتقال بسبب المظاهرات المعبّرة عن الموقف الرافض لمشاركة إسرائيل فى المعرض، مضيفة: «أنا سعيدة لأن هذه المظاهرة الصغيرة التى أدت إلى اعتقال صلاح عيسى وحلمى شعراوى وعدد آخر من الشباب، استطاعت منع مشاركة إسرائيل فى المعرض»، موضحة: «أنا شاركت فى المظاهرات»، لكنها لم تعتقل: «تمكنت من الجرى، ولم يلحق بى الأمن المركزى».

“نصار”: “عبدالصبور” رفض اعتداء الأمن على مظاهرة المثقفين فى معرض 1981.. وأصابه الاتهام بـ”بيع القضية” بأزمة نفسية قاتلة

بينما يرى الدكتور نصار عبدالله، أستاذ الفلسفة بجامعة جنوب الوادى، أن أهم حدث وقع فى دورات المعرض، هو اندلاع المظاهرات، اعتراضاً على مشاركة إسرائيل فى المعرض، بعد إبرام معاهدة السلام، وتصميم إسرائيل على أن تشارك فى المعرض، وأيامها كان الشاعر صلاح عبدالصبور، رئيس الهيئة، قرر أن يرفض الطلب، لكن منصور حسن وزير الثقافة، آنذاك، ترجى «صلاح» أن تشارك إسرائيل فى المعرض، قائلاً له إنها قرارات سياسية وسيادية عُليا، فوافق «صلاح»، عندئذ تسرب الخبر، فاندلعت المظاهرات فى المعرض.

وتابع: شهد المعرض لأول مرة حضوراً أمنياً مكثفاً، وتفتيشاً دقيقاً على كل شخص يدخل المعرض، لدرجة أن الأمن اعترض دخول «صلاح» إلى مكتبه، لأن الأمن لم يكن يعرفه بشكل شخصى.

وأضاف: هذا الحدث الذى شهدت تفاصيله بعينى، يحمل الكثير من الدلالات من عدة جوانب، منها أن السلطة السياسية فى وادٍ، والثقافة فى وادٍ آخر، كما كشف الموقف مظهراً من مظاهر الصدام بين الثقافة والسياسة، ومن ناحية ثانية يظهر مدى عشوائية التطبيق الأمنى للقرارات.

وقال «عبدالله»: «تربطنى صداقة عميقة بصلاح عبدالصبور، لأننا كنا أعضاء فى مجلس إدارة الجمعية الأدبية المصرية، وكان هو واحداً من مؤسسيها. وتابع: كان «صلاح» يرى أن تظاهر المثقفين اعتراضاً على مشاركة إسرائيل فى المعرض، على حق، بل اعترض على تعرّض الأمن للمتظاهرين. ويلفت «عبدالله» إلى أن هذه الوقائع تسبّبت فى أزمة نفسية عنيفة لصلاح عبدالصبور، وأعتقد أنه كان يعانى داخلياً جراء اتهامه بأنه «باع القضية».

الكاتبة عبلة الروينى، روت ما حدث فى ليلة رحيل الشاعر صلاح عبدالصبور، فى كتابها «الجنوبى»، قائلة فى صيف 1981 (تحديداً 15 أغسطس)، دعانا الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى، فى زيارته الصيفية للقاهرة، إلى عيد ميلاد ابنته، وتشير فى حديثها إلى حضور كل من الشاعر صلاح عبدالصبور وزوجته سميحة غالب، والشاعر أمل دنقل، والدكتور جابر عصفور، ورسام الكاريكاتير فى دار «الهلال» بهجت عثمان، الجلسة.

وتحدّثت عن المناقشات الشعرية التى دارت بين الحضور. وأضافت: «دارت المناقشة دورتها، حتى فوجئنا بصوت بهجت عثمان، يعلو فى لحظة سكر واضحة: انت بعت، وبعت بمليم يا صلاح».

وتستكمل «الروينى»: «ثار صلاح وهبّ واقفاً معلناً ما الذى حصل عليه ليُتهم بالخيانة والبيع؟ وما الذى باعه بالتحديد؟»، مؤكدة أن «حجازى» طرد «بهجت» من منزله، وحاول الجميع تهدئة صلاح عبدالصبور الذى شعر بالتعب والإجهاد.

متابعة: وثارت معه زوجته، السيدة سميحة غالب، معلنة ترددهما فى حضور هذه السهرة، وما توقعته من الجلوس مع السوقة، وقرّر النزول ومعه زوجته، لشم بعض الهواء، وتهدئة أعصابه قليلاً، واشتد عليه التعب فى الطريق، فذهب إلى مستشفى هليوبوليس المجاور لمنزل «حجازى»، وكانت الوفاة على الفور.

الكاتب سعيد الكفراوى يرى أن المعرض عبر سنوات انعقاده كان حافلاً بالفعاليات السياسية والثقافية، وعبر نصف القرن كان المعرض مرآة تتجلى فيها مشكلات الثقافة المصرية، ونُوقشت فيه العديد من القضايا، كما استضاف الكثير من المفكرين والمثقفين والساسة، منهم إحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ وفتحى غانم ومحمد حسنين هيكل، كما استطاع المثقفون تشكيل جبهات احتجاج ضد العدو، فالمعرض ساحة للقاء الأفكار والمعارضة.

ويسترسل «الكفراوى»: أذكر أننى حضرت ندوة «هيكل» الذى تحول إلى أيقونة فى عهد مبارك، بل كان البعض يعتقد أن «هيكل» يجلس على صندوق من الأسرار لقربه من السلطة، لذلك كان مثيراً للجدل وشهدت ندوته فى المعرض حضوراً كثيفاً، بل تم تركيب ميكروفونات خارج القاعة للجمهور، الذى لم تستوعبه القاعة، وهى الندوة التى شهدت طرح أسئلة محرجة لنظام «مبارك». وأشار إلى أن إدارة المعرض تخوّفت فى ما بعد من تنظيم مناظرات على هذه الدرجة من الجدية، مشيراً إلى أن الندوات بعد المناظرة الشهيرة لفرج فودة، اتخذت شكلاً مختلفاً.

“عبدالعزيز”: يوسف إدريس قال لـ”مبارك” فى افتتاح المعرض: “عايزين نبعت فرقة عسكرية لمساعدة العراق”.. فرد: “ليه.. انت فاكرها فرقة مزيكا؟”

الكاتب والمؤرخ إبراهيم عبدالعزيز، قال إنه شارك فى عدة دورات افتتحها الرئيس الأسبق مبارك، وكان من أشهر المتحدثين فى الدورات الدكتور يوسف إدريس، المعروف بجرأته، حيث كان يفسح له مبارك المجال للحديث، ففى إحدى المرات وقف «إدريس»، قائلاً لـ«مبارك»: «يا ريس المعرض للمثقفين، واحنا قاعدين وراء، والوزراء فى الصف الأول!» وفى مرة أخرى وقت حرب العراق وإيران، قال يوسف إدريس لمبارك: «عايزين نبعت فرقة عسكرية لمساعدة العراق»، فقال مبارك: «ليه انت فاكرها فرقة مزيكا؟».

الدكتور محمد السيد سعيد قدم مشروعاً للإصلاح السياسى إلى الرئيس المخلوع.. فقال له “مبارك” ساخراً أمام الجميع: “الورق ده تحطه فى جيبك”

أما الأزمة الحقيقية التى حدثت خلال افتتاح «مبارك» للمعرض فى دورة 2005، عندما وقف الدكتور محمد السيد سعيد، ليناقش «مبارك» فى قضايا التنمية، وكان وقتها «مبارك» يتحدث كثيراً عن مشكلة الزيادة السكانية، التى يعتبرها العائق فى التنمية، فرد عليه الدكتور سعيد برأى مغاير، مبنى على دراسة للإصلاح، وقرر «سعيد» أن يعطى الرئيس يداً بيد مشروعاً مقترحاً للإصلاح السياسى، وضع فيه خلاصة خبرته فى البحث السياسى والعمل الأهلى، لكن «مبارك» تعالى على الرجل، وقال ساخراً منه أمام الجميع: «الورق ده تحطه فى جيبك»، وسط ذهول الجميع، وتم فى هذا العام إلغاء مشاركة «سعيد» فى ندوات المعرض، كما أن «مبارك» لم يشارك فى حضور دورات افتتاح المعرض بعد هذه الدورة، وأصبح ينيب عنه رئيس الوزراء.

ودعت الكاتبة فريدة الشوباشى، إلى الاهتمام بعقد المناقشات الفكرية والقضايا الجادة فى معرض الكتاب، موضحة أن هذا سمة حضارية تثرى الثقافة وتشجع المبدعين الجدد أصحاب الطاقات الشابة على الكتابة، وأرى أنه من الضرورى استثمار هذا الحدث السنوى فى عمل لقاءات فكرية، للتغلب على الحملة الضارية للأفكار الظلامية.


—————————————-
إذا نال الخبر إعجابكم فشاركة مع اصدقائك لتعم الفائدة ولكى تدعمنا لنستمر
اذا كان لديكم مقترح اتركه لنا فى تعليق

مصدر الخبر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عطل الاضافة حتى تتمكن من متابعة القراءة