أخبار

يلا خبر | حنان أبوالضياء تكتب عن: الإمساك بخيوط الرعب فى «الفيل الأزرق 2»

اهلا بك عزيزى الزائر فى موقع يلا خبر الآن نقدم لك هذا الخبر الخاص بدولة مصر نرجو ان ينال اعجابك.. والأن مع الخبر
2019-09-06 20:37:46

بتقنية بصرية مبهرة وموسيقى تصويرية قادرة على نقلك لأحداث العمل يكون المدخل الى فيلم «الفيل الأزرق» فى الجزء الثانى له. فالتجربة السينمائية التى قدمها الثنائى مروان حامد وأحمد مراد تؤكد أن بينهما نقاط تماس عديدة، استفادا منها فى أعمالهما السابقة والفيلم الحالى، والسؤال الذى يتملكنى دوما مع كل عمل يجمع الاثنين: لماذا الطرح الذى يقال عن تقديم عمل يبتعد فيه مروان حامد عن أحمد مراد؟ وحالة التربص التى أراها من البعض تجاه مراد، ولم أجد من يشير الى نقاط القوة فى ما يقدمه مراد مع مروان حامد، خاصة أن قماشة العمل فى البداية تبدأ من عند مراد.

الفيلم يبدأ بنقلك الى حالة الملل التى أصابت الطبيب النفسى يحيى بعدما حقق حلم حياته وتزوج من حبيبته لبنى وأنجب منها طفلا، وعاد من جديد الى الخمر والقمار، ليكون بمثابة تحضير المشاهد للخطر القادم فى حياته، عن طريق مريضة جديدة فى المستشفى الأمراض النفسية والعقلية، بشخصية فريدة التى قتلت زوجها وابنتها وترفض الكلام إلا مع يحيى وحده، الذى ترك الطب النفسى ويعمل فى العقارات، ليكون اللقاء الأول مع رئيس المستشفى إياد نصار، حيث يستعرض العلاقة بينهما بقراءة لغة الجسد بينهما وهى طريقة جيدة تجعل المشاهد متحضرا لجرعة مترقبة من الصراع بين شخصين يرفض كليهما الآخر.

معهما ندلف الى عالم شخصيات الجزء الأول بعدما تطورت ونضجت، خاصة شخصيتى يحيى ولبنى، الى جانب شخصيات جديدة مضافة، من خلال أدوات مخرج يسير فى اتجاه تقديم أفلام رعب مصرية تحظى بمؤثرات بصرية وصوتية، تضيف للعمل ولا تكون مقحمة عليه، وأعتقد أن تلك المؤثرات هى العامل الرئيسى فى الخروج من محنة تقديم عمل أنت تعرف مسبقا مفتاح شفرته من الجزء الأولى، وهذا بالطبع يحسب جزء كبير منه الى الموسيقى التصويرية المتمكنة من هشام نزيه، والمؤثرات الاحترافية العالية لمروان حامد.

وبالطبع سيكون لرسم التعاويذ والطلاسم على الأجساد كأحد رموز الشيطانية التى تنقلك الى علاقة الأبطال والأحداث التى نراها بالعوالم الأخرى.

قد يرى البعض أن فيلم الفيل الأزرق فى الجزء الثانى ليس به ابتكار جديد فى الفكرة، لأنه مبنى فكرة طرحت فى الجزء الأول، وتم تطويرها وإعادة

صياغة بعض أفكارها، لتصدر من بعد كفيلم، ولكن الحقيقة مع التحفظ على بعض النقاط فى أسلوب السرد إلا أن الفيلم إبداع فنى متميز، وبالطبع السيناريو فى العمل الثانى نقطة ضعفه تكون فى المحتوى المعرفى لدى المشاهد الذى حصل عليه من الجزء الأول، وهى معاناة كل أفلام الرعب الأخيرة خصوصا التى تتسم بالغموض، ما يجعل هناك معاناة حقيقية لدى صانعى الفيلم وعلى رأسهم المخرج بالطبع حل جعل الحبكة واللمسة الأخيرة فى صناعة العمل متوازنة بصنع مشاهد متميزة اخراجيا وممتعة بصريا، مع التركيز أيضا على الاهتمام بتصاعد الأحداث، مع الأخذ فى الاعتبار الا يؤدى هذا الاهتمام بالشكل إلى الاخلال بالمضمون، ومما جعل سيناريو الفيلم أكثر إثارة وتشويقا هو استعماله لتقنية مشهورة فى الكتابة الأدبية، وهى استخدام أسلوب البؤرة الخارجية فى استعراض حياة الابطال وخاصة هند صبرى، بحيث يجعل المُشاهد فى معرفة محدودة أو منعدمة مقارنة بشخصيات الفيلم التى تعرف كل شىء حول أحداث القصة، لكنك أنت كمشاهد تبقى فى حالة فضول لمعرفة ما الذى يحدث، وكيف حدث ذلك، وفى المقابل تكون الشخصيات تعلم كل هذه الأمور التى تجهلها أنت. وبهذا الأسلوب أستطاع أحمد مراد زيادة جرعة التشويق وتركيز المُشاهد مع الفيلم لكى يحصل على كل المعطيات لمعرفة ما الذى يحدث، ثم يتركك لتكتشف شيئا فشيئا مع تطور الأحداث. وربما جملة هند صبرى التى تؤديها باقتدار: «لا تخافوا ولكن احذروا» تفسر هذا الأسلوب. ومن أهم مميزات مروان حامد التى تبدو من خلال أفلامه، خاصة الفيل الأزرق الجزء الثانى أنه يفكر فى تقديم سينما تجارية تشد الجمهور بالأحداث الغامضة والمشوقة والتى تجذب المشاهد وفى نفس الوقت دون الوقوع فى براثن الإثارة من أجل الإثارة. وربما هذا يفسر وجود بعض المشاهد المبهمة للبطل عندما يعود لزمن الغجرية فى الماضى، فلقد قدم مساحة كبيرة منها بوتيرة سريعة وبشكل متتال جعل المشاهد يزيد من حيرته وتشويقه، ولهذا عندما وصلت الأحداث الى الذروة وحان موعد الكشف عن الحقيقة ظل جزء منها غامضا، ما قد يوحى بوجود جزء جديد.

هناك مشاهد دموية وعنيفة قدمت لإرعاب المشاهد، ولكنها كانت متقنة من ناحية المؤثرات سواء البصرية أو الصوتية التى أضفت على المشاهد رونقا مرعبا الى جانب دور الديكور والمكياج والاضاءة، والمونتاج المتمكن للمونتير، والرائع أنه عند الوصول الى الذروة بدا واضحا الدور الذى ستلعبه المرايا لتبدأ وتيرة الأحداث تغدو سريعة حين يصبح شيطان المرايا متواجدا فى الأحداث عن طريق الانعكاس الذى يصدر منه.. استطاع مروان حامد جعل الأمر يبدو أكثر إثارة منذ ظهوره لشخصية هند الغجرية، وانتهاء بانفجار المرايا وتناثر الزجاج، وربما فكرة مراد فى جعل حل لغز العمل مرتبطا بالمرايا يرجع الى بعض قصص الرعب عن أشباح سحرة ومشعوذين محتجزين بها، والمتنقلة بين عالم الحكايات التى نعرفها من القديم.

واستمتع المشاهد بسلسلة من الصور السريالية من ناحية والعنف المتخيل من ناحية أخرى، وهذا الأسلوب يجد مشروعيته فى هذا العمل الذى يتحرك فى عالم الجريمة وعالم اللامعقول فى الوقت ذاته.

وفى الحقيقة، إن استخدام غرفة العزل البيضاء المطاطية للعلاج، يؤكد أن فريق العمل بالفيلم من المؤلف والمخرج ومصمم الديكور يربطون عملهم بالأسلوب العلمى، خاصة أنه معروف إن غرف التعذيب الأبيض the white torture تستخدم كوسيلة للعمل على انهيار الشخص فنعرف الحقيقة خاصة أن مدير المستشفى كان مؤمنا أن فريدة تدعى الجنون، ولأن الغرف البيضاء فى البداية تكون مريحة نفسياً، لكن مع الاستمرار فى ذات الغرفة سيبدأ التوتر وستزيد الاضطرابات الانفعالية ثم يصاب الشخص داخلها بفقد الإحساس وعدم القدرة على التمييز. وغرف العزل البيضاء المطاطية تستعمل داخل المستشفيات فى قسم الصحة النفسية للعلاج ليكون ايضا المريض فى أمان حيث لا يستطيع إيذاء نفسه أو من حوله. وأحمد مراد ومروان حامد لعبا على حالة الخوف الكامن بداخل البشر، المجهول الذى لا تراه الأعين، واستطاعا العزف بمهارة على حالة التناغم والتلاحم بين مناطق التلاقى فى الطب النفسى والسحر والجريمة من خلال خيوط معقدة صعب الفصل بينها، ليستمر الصراع فى دائرة من عالم الجريمة والسحر والرعب وجحيم الذات الإنسانية، وطلاسم السحرة وحبات الهلوسة بوتيرة لاهثة جعلت المشاهد لا يمل. بالطبع هناك نقاط ضعف فى حبكة الرعب وعلاقته بأرض الواقع، خاصة فى مشاهد القتل التى تمت فى مستشفى العباسية، وأدت الى هروب فريدة ولكن هذه الاخطاء يمكن تداركها فى الأعمال القادمة والتى ستكون تحديا كبيرا وصعبا إذا قدم جزء ثالث، يحتاج الى مجهود لخلق عناصر التشويق، لإشاعة الغموض المدروس وللإمساك بخيوط عالم الرعب المبنى على العلاقة بالعوالم الأخرى والأمراض النفسية وأعراضها.


—————————————-
إذا نال الخبر إعجابكم فشاركة مع اصدقائك لتعم الفائدة ولكى تدعمنا لنستمر
اذا كان لديكم مقترح اتركه لنا فى تعليق

مصدر الخبر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عطل الاضافة حتى تتمكن من متابعة القراءة